بسم الله الرحمن الرحيم
غريب أمر هذا
الجسد، بل الغريب هو العقل ذاك، مجرد قطع لحم تتشكل بانطواءات وتعاريج ولا
تنسوا الانثناءات ، غريب أمر التفكير وغريب كيف لجسم من طين أن يحمل ما
حمل طوال هذه السنين ،الأحلام... وهل هناك من عاش بدونها ! وهل هناك من
يستطيع العيش بفقدانها! لا وربي تلك هي الخطوة الأولى لانطلاق الهمم
والغايات...
وتسير
الأيام،بخطوات ثقال أحيانا وأحيانا باسترسال،وتتطور بتوالدها الأحلام، فان
نمت مرة عند إنسان أو اضمحلت في رؤية آخر إلا أنها تغيرت.... تطورت....
وتحولت من شكل لآخر في كل مرة، وذلك ليس بالشيء الغريب فالإنسان يسيطر
الوهن عليه دوما لذا عليه تحقيق ما يريد تحقيقه بخطوات سهلة ويسيرة وغالبا
إن لم نقل دائما تكون الخطوة الأولى لأعظم شيء على هذه المعمورة هو مجرد
حلم... في عهد البساطة والاعتماد على
الذات،كانت الأحلام عظيمة،ليس بالضرورة لكبر حجمها، فلم يحلم هؤلاء برحلة
سياحية على زحل ولم تكن أمنية أولئك هي أن يملكوا مقاليد الدنيا والتربع
على عروشها بل كانت كبيرة بالمعنى،المعنى الروحي فالقلب كان أكثر رحابة
ووسعا ، والإرادة الخشنة هي من كانت سبيلهم الوحيد بعد الحلم ،فما بدأ بعد
حلم شذي سوى عمل جاد، ضاعت من قواميسهم كلمة الأنا وحذفت من موسوعاتهم
تعاريف وأقسام الأنانية وحب الذات فما كانت الأحلام إلا وسيلة ـ من ضمن
الكثير ـ لتجمع جماهير غفيرة تحت ظل التعاون تارة وتحت ظل العيش تارة أخرى
،فكان هدفهم هو ما بعثوا لأجله: الخلافة فحسب ...قال تعالى :" وإذْ
قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إنّي جَاعِلٌ في الأرضِ خَلِيفَةً قَالُوا
أَتَجْعَلُ فِيها مَن يُفْسِدُ فيها وَيسْفِكُ الدّماءَ وَ نَحْنُ
نُسَبّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقدّسُ لَكَ قَالَ إني أعْلَمُ مَا لا
تَعْلَمُونَ " 30/البقرة
فقد قرروا بان يكونوا جزءا من علم
الله الذي غفلته الملائكة، وقرروا العيش بأحلام لم تكن ولن تكون مُحرّمة
بل عاشوا البساطة وحملوا معاني العظمة.
أما في أيامنا هذه فقد باتت القلوب
ضيقة ،فقد احتلت الأشياء "التافهة" مكانا واسعا فيها،واستعمرت اللاضرورة
أراض كانت خصبة في ذلك النابض ، لتتشقق الأحلام بجفاف تلك الأراضي...
هناك الكثير ممن يوقف تلك الأحلام
عند حدود اللا تطبيق،فلنبدأ من الشخص عينه فهو قد طوّق الدنيا بأحلامه
ونال أكثر مما يريد ،لكن الحلم لا يملك معنى حقا إذا لم يقترن بالجد
لتطبيقه فنراه متقاعسا ويكتفي بالتحليق بواسطة عقله الباطني في سماء
الأوهام.
وإذا
أخذنا الأشياء التي تصده عن تحقيق أحلامه فنراها كثيرة لكننا لو محصنا في
الأمر أكثر لوجدنا أن الأشخاص هم دوما المؤثرين ،فالأشياء لا أمل في تحقيق
اثر بذاتها لولا تحكم الإنسان فيها.ومن هنا استحضر قول أعظم إنسان،أعظم من حلم ، وأعظم من حقق حلمه ، حين قال: "إذا
سألت فاسأل الله،وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على
أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن
يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك،رفعت الأقلام وجفت الصحف " رواه الترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،حديث رقم3323 وقال حديث حسن.
ومن هنا نرى
وبكل وضوح أن الأحلام لا تتوقف بانتهاء الليل،لا ولن تنتهي لان شخصا ما
قرر ذلك فما دام الأمل يشع وينير الدرب ستبقى الأحلام تسير جنبا إلى
الأيام،وأنا حقا لا أرى حياة تحمل مضمونها بدون حلم،فبدونه ليئست العقول
واستسلمت الأجساد للخمول.
من المهم لكل إنسان أن يعلم ما هي
أحلامه،ليرتبها بمنهج يستطيع أن يرى من خلاله أيها الأهم بالنسبة له،وأيها
من يريد أن يحققه أكثر،وبعدها تبدأ العوامل بالسير ،تلك العوامل التي تعطي
للحلم معناه وبدونها هو مجرد وهم لا فائدة منه ومنها:
الإرادة...الجهد...المثابرة...الاستمرارية والمتابعة....عدم الاتكال
الاستقلالية...وغيرها الكثير الكثير.
من تطلعاتي...
*النجاح،على أي
صعيد كان،وحاليا نجاحي في دراستي هو الأهم فالدراسة هي مفتاح النجاح في
الحياة العملية وتوطئة للاستمرار في شتى الميادين.
*الاستقرار،واهم
جانب هنا هو النفسي،فلا أجمل من الطمأنينة والسكينة ،وكفلسطينية فاستقرار
الأوضاع بتحرير بلادي وإعادة أبناء شعبي هو حلم من منظور طفل يأمل باللعب
بعد سنين طوال من الكبت.
وغيرها الكثير
الكثير ولكن حلمي بل وغايتي التي أجد نفسي مقصرة في محاولة تحقيقها،والذي
أعده هو الحلم الأسمى هو أن أرى وجه ربي ،فدعائي من القلب في هذا اليوم
المبارك أن نجتمع جميعا في الفردوس ونشرب شربة من يد الحبيب صلى الله عليه
وسلم.
الأحلام لم ولن تتوقف، والآمال تستمر ندية، ارجوا لكل قلب ان يلامس مناه ،في حفظ الرحمن بقيتم...
